ليس سرابا - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


ليس سرابا
بقلم متابع - 09\06\2010
تزوره الأحلام كلما أوى إلى فراشه. أحلامه كلها كانت بطلتها تلك المرأة التي سلبت لبه. صارت أحلامه لا تجرؤ أن تتخطى هذه الأنثى. إنها ليست ككل الإناث، لان الله سبحانه اختزل الجمال فيها. في عينيها لمعان أقرب للّهيب. قسمات وجهها تتراوح بين العذوبة والبراءة والقسوة؛ إنه خليط فيه من الحب والحنين، الحقد والتسامح، الفرح والحزن.. إنها غموض متجسد، مغلف بجمال طبيعي. فهي تغري من كان يهوى المغامرة وارتياد المجهول، فيقع بحبها ويكون صريع هواها. إنها إن صح التشبيه المرأة التي لم تكتشف بعد.

أحبها مذ رآها، وبات مكبلا بحبها، مشدودا إليها بحبل غير مرئي لاسبيل للانفلات منه. حلمه لم يعد يزوره ليلا فحسب بل راح يرافق يقظته، الأمر الذي جعله مغلوبا على أمره لا يعرف كيف السبيل ليتأكد من مشاعرها، فإذا ما كانت تبادله الحب يكون بذلك أراح نفسه من مصيدة الشكوك والتساؤلات التي تملأ رأسه، فيكون لعذابه ثمن وإلا فإنه سيغدو محبا لمن لا يحبه وهذا قمة العذاب. فالذي يعاني العشق يجد الراحة عندما يبادله من عشق المشاعر.

كم كانت المفاجأة كبيرة ذلك اليوم عندما رآها. وبعد أن لملم شتات نفسه واستجمع قواه بادرها بالسلام. ردت التحية بابتسامة، من عرف لغة الوجه يستطيع أن يفسرها.
قال: منذ مدة وأنا أتحين الفرصة لأحدثك. هل تقبلين دعوتي لفنجان قهوة؟
قالت : نعم، أين؟
أجابها: هناك بتلك الكافيتريا.
توجها معا للكافيتيريا. لم يصدق ما يجري. هل هذا حلم يقظة؟
دخلا وجلسا إلى طاولة. جلس قبالتها.. طلب فنجاني قوة...
قطعت الصمت الذي ساد وسألته: ماذا تود أن تقول؟
تردد وبانت عليه علامات الارتباك. لاحظت ذلك، ولكي تخفف عنه قالت: منذ مدة أرى مدى اهتمامك بي، هل لي أن أعرف السبب؟
من وسط الارتباك والتردد وبكلمات متلعثمة، ربما لهيبة الموقف، خرجت منه الكلمات.
قال: ااا أنا اا أحبك. وصمت كمن ينتظر عقوبة عما بدر منه.
شخصيتها القوية منعتها من أن ترتبك، فهي الواثقة من نفسها جعلت جوابها سريعا لا لبس فيه.
قالت: لما انتظرت كل هذا الوقت؟ كنت قد وفرت على نفسك كل هذا. أنا أيضا أحبك.
سمع الكلام. تخيل أنه في حلم. راح في رحلة كونية؛ هل ما سمع حقيقة؟
أعادته عندما كررت: أنا احبك لماذا الاستغراب؟!
لم يخطر بباله أنه بهذا البساطة قد عرف حقيقة طويتها، هو الذي تعذب تتجاذبه الأفكار التي حولت حياته جحيما.
إنه الآن اسعد رجل. لم يكن عذابه دون ثمن. فمن يحب مثل هذه المرأة لابد أن يعاني فيكون للفوز بها طعم آخر.